إعداد: محمد محمود ولد محمد أحمد- الوكالة الموريتانية للأنباء
_______________
ولاية تكانت، ولاية عريقة بتاريخها و نضالها ضد الاستعمار،و بعلمائها الأجلاء الذين سارت بذكرهم ركبان مكة، كما خلدها شعراؤها الذين سافرت قصائدهم في كل أرجاء الوطن، حتى غدت تكانت تسكن كل قلب و تأسِر كل مخيّلة.
كما اشتهرت الولاية باعتماد سكانها على زراعة غرس النخيل بجميع أنواعه، و بممارسة الزراعة المطرية و الواحاتية و زراعة السدود، رغم وعورة التضاريس و العزلة و قساوة الطبيعة.
الموقع و السكان و المساحة:
تقع تكانت وسط البلاد، محدودة من كافة الجهات بالولايات الداخلية، و تقع بين خطي طول 11-13 غربا، و خطي عرض 17-18 شمالا. تبلغ مساحتها الإجمالية 97 ألف كم مربع تقريبا، 30% من تلك المساحة هو سلسلة جبال، يبلغ أعلى ارتفاع فيها عن سطح البحر 400-500 متر.و يبلغ عدد السكان حسب آخر إحصاء 97.127 نسمة، موزعين بين المقاطات الثلاث، 48% من السكان يوجدون في مقاطة المجرية و 46 % في مقاطعة تجكجة و 6%في مقاطعة تيشيت.
ولاية تكانت ذات طابع زراعي رعوي و سياحي، فهي ولاية واحاتية، تصنف الولاية الواحاتية الثانية بعد ولاية آدرار، و تعتمد أساسا على الزراعة المطرية و الواحاتية.
لكن وعورة التضاريس و العزلة و قلة الأمطار و شح المياه الجوفية، و قلة الموارد الاقتصادية، كلها مشاكل تلقي بظلالها الثقيلة على حياة السكان في الوقت الراهن، رغم الجهود المبذولة من طرف الدولة الموريتانية من خلال المشاريع التنموية التي تتدخل في الولاية من وقت لآخر في سبيل توفير حياة كريمة للمواطنين في القرى و الأرياف و البلديات و المقاطعات في الولاية.
مع توفر الطاقة الكهربائية و المياه الصالحة للشرب و المراكز و النقاط الصحية في العديد من بلديات و قرى الولاية، يلحظ غياب خدمات المياه و الكهرباء و الصحة في العديد من قرى تكانت، مما انعكس بشكل سلبي على حياة الفئات الأكثر فقرا.
مشاريع تنموية:
تحضر الدولة في أغلب البرامج التنموية و تقدم المساعدات للمواطنين و نذكر هنا عملية "أمل 2012 التي تشهدها جميع ولايات الوطن و من بينها ولاية تكانت، حيث رصدت لها الدولة مبالغ مالية هامة لتنفيذها، حيث وصلت الدكاكين المفتوحة في الولاية : 47 دكان، موزعة بين المقاطعات الثلاث(27 في تجكجة- 14 في المجرية و 4 في تيشيت) و شملت كافة التجمعات الكبيرة في الولاية، خاصة المعزولة و التي تحوي طبقات هشة و بحاجة أكثر للمساعدة.
أما المواد التي وصلت حتى الآن للولاية في إطار هذه العملية تقدر ب: (3934 طنا من مادة القمح- 955 طنا من الأرز- 997 طنا من السكر- 349 لترا من الزيت- 48 طنا من مواد المعجنات" افامو".
أما علف الحيوانات فقد بلغ 4187 طنا، موجهة للمنمين لتغطية النقص في المراعي بسبب قلة التهاطلات في السنة الماضية.
كما في الولاية عمليات توزيع مجاني للمواد الغذائية بلغت 1400 طنا من مواد : ( القمح- الأرز- الزيت) شمل كافة المناطق بما فيها البلدية المركزية في تجكجة، استفادت منها المواطنون الأكثر حاجة للمساعدة، شملت حتى الآن 30% من الولاية، و هي لازالت متواصلة، بمعدل 3 خنشات و 30 ليتر من الزيت للأسرة الواحدة.
تحضر الدولة كذلك في عدة مشاريع و برامج تنموية، كبرنامج التنمية الحضرية الذي دشن منذ وقت قريب عدة مشاريع ،الأول منها يخص بناء طريق مدعمة تصل مدينة تجكجة مع طرفي الوادي من الشرق إلى "لميلح" و "بغداده" ومن الجانب الغربي إلى "الشمسيات" و "اجويله" على مسافة قدرها 18,4 كلم بتكلفة مالية تناهز 648 مليون أوقية، أما المشروع الثاني فيتعلق بتوسعة شبكات الكهرباء على طول هذه الطريق لتصل إلى كل أطراف الوادي على مدى 34 كلم من الجهد المنخفض و17,6 كلم من الجهد المتوسط بتكلفة تصل إلى 211 مليون أوقية.
تكمن أهمية هذين المشروعين - من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ما يعكسانه من تحسين لظروف معيشة ساكنة المنطقة وولوجها لأسواق التمور في مدينة تجكجة وكذلك الأسواق الأخرى على المستوى الجهوي و الوطني.
أما المشروع الثالث، فيتعلق بتمويل وحدة متكاملة لتصنيع الحجارة بغلاف مالي يفوق 46 مليون أوقية سبيلا لتثمين استعمال مخزون هذه المنطقة من الحجارة لتبليط الشوارع وتزيينها وبناء المنازل والمنشآت العمومية بمادة متوفرة وبتكلفة رخيصة نسبيا، وعن طريق تشغيل اليد العاملة المحلية وخاصة الشباب الذي تؤرقه البطالة كما هو الحال في باقي مدننا، بحسب ما جاء في كلمة لمنسق برنامج التنمية الحضرية السيد محمد ولد بابته، ألقاها مؤخرا في عاصمة ولاية تكانت ، بمناسبة إقامة حفل تدشين المشاريع الممولة من طرف البرنامج في مدينة تجكجه بتاريخ: 13 يوليو 2012.
مشاكل لابد من حلها:
تبقى ولاية تكانت دائما بحاجة ماسة إلى التدخل الدائم من طرف السلطات، نظرا لصعوبة ظروف العيش و شح في مياه الشرب و فقدان الرعاية الصحية في بعض التجمعات السكانية، و وجود العزلة المعيقة لدوران عجلة التنمية الاقتصادية.
ففي بلدية الواحات(لحويطات)- على سبيل المثال- صرح لبعثة الوكالة الموريتانية للأنباء السيد أحمد ولد هابو ولد الشيخ نائب عمدة البلدية بأن "مياه الشرب معدومة نهائيا في لحويطات، باستثناء بعض عيون الماء الشحيحة و الملوثة".
و في قرية "أشاريم" القريبة من "النيملان" اتفق جميع من التقتهم بعثة الوكالة الموريتانية للأنباء في القرية على عدم وجود أي نقطة صحية، أو طبيب أو ممرض، مما يضطر ذوي المرضى على البحث عن وسيلة نقل -لا تتوفر عادة- للذهاب إلى بلدية "النيملان" للحصول على المعاينة الصحية.
و بعد طرح القضية من طرف بعثة الوكالة الموريتانية للأنباء على والي تكانت، السيد: "محمد المصطفى ولد محمد فال" الذي أبدى استغرابه من الأمر، التزم الأخير باتخاذ إجراء عاجل لإرسال طبيب إلى القرية في أسرع وقت.
كما أن " أشاريم" لا تتوفر على خدمة الكهرباء المنزلية بتاتا.
و ليست بلدية التنسيق (النيملان) بأحسن حال من "أشاريم" و "لحويطات"، فهي لا تتوفر على الكهرباء، باستثناء بعض الخلايا الشمسية الخاصة، بحسب ما صرح به لبعثة الوكالة عمدة البلدية السيد: محمد إبراهيم ولد أحمد، الذي أكد كذلك على ضعف الشبكة المائية و ارتفاع نسبة الملوحة في مياهها، مما ينعكس سلبا على صحة المواطنين و حيواناتهم.
بل إن مدينة تجكجة (عاصمة الولاية) تواجه مشاكل حادة في توفر مياه الشرب لساكنتها، و ذلك ما لاحظته بعثة الوكالة إلى تكانت خلال تواجدها في الولاية منذ أسبوع تقريبا.
الزراعة:
أما عن الزراعة في تكانت ، فبحسب الإحصاءات الرسمية في الولاية هذه السنة2012، تقدر المساحات الزراعية في تكانت ب : 1500 هكتار تقريبا للزراعة المطرية، تزرع فيها المحاصيل التقليدية ( الذرة – الدخن- القمح- الفاصوليا)، و تقدر مساحة زراعة ما وراء السدود ب: 8000 هكتار تقريبا، تصل إنتاجية الهكتار إلى 500-600 كلغ، كما توجد منطقة "التامورت" المعروفة بمقدراتها الزراعية، فهي مجرى للمياه يمتد على طول 70 كلم تقريبا تمارس فيها أصناف الزراعة، كما توجد فيها خزانات مياه سطحية كبيرة، مثل خزان"قبو"(2 مليون متر مكعب من الياه تقريبا) الذي هو المصب النهائي لمياه "التامورت" ناحية الشمال، كما توجد أماكن لتجمع المياه في "التامورت" ذات طابع سياحي مثل" بحيرة مطماطة" و هي مكان مفضل لبعض الحيوانات المائية النادرة (التماسيح-الأسماك) و هي وجهة سياحية مفضلة للسياح الوطنيين و الأجانب، و تقدر المساحات القابلة للزراعة فيها ب : 20 ألف هكتار تقريبا.
لكن محاصيل الزراعة في الولاية تتأثر سلبا بقلة الأمطار و كثرة الآفات الزراعية و عدم وجود حواجز تمنع وصول الحيوانات إلى المزارع و اعتماد المزارعين على الطرق التقليدية في الزراعة، باستثناء بعض المشاريع الزراعية التي تشرف عليها وزارة التنمية الريفية و ترسل لها بعثات زراعية إرشادية، خصوصا في منطقة "التامورت" التي تتوفر على مخزون مياه كبير نسبيا، نظرا لكون "التامورت" هي المستقر لأغلب الأودية الجارية في تكانت.
تنمية الواحة:
و بما أن الولاية تعتبر واحاتية، فيجب هنا ذكر تنمية الواحات و التحسين من إنتاجيتها، و هذا ما يقوم به مشروع التنمية المستديمة للواحات، حيث هو المشروع المكلف بمتابعة و تنمية النخيل، و وصلت استثماراته على مستوى تكانت ما يقدر ب مليار و 21 مليون أوقية حتى الآن، لديه 27 رابطة تسيير تشاركي في الولاية.، وهذا المشروع قام بجهود كبيرة، تلاحظ من خلال الوسائل التي تم ضخها في الولاية، حيث زادت على المليار من الأوقية، و هي -قطعا- حسنت من إنتاج النخيل.
تقدر أعداد النخيل في الولاية ب : 720 ألف نخلة موزعة بين 10 آلاف واحة نخيل " ازريبة" ، بحسب ما صرح به السيد والي تكانت لبعثة الوكالة الموريتانية للأنباء.
أما الثروة الحيوانية في تكانت فتقدر ثروتها الحيوانية:
- من البقر ب : 30 ألف رأس
- من المجترات الصغيرة: 250 ألف رأس.
- الجمال: 100 ألف رأس.
- الحمير و الخيول: 15 ألف.
كما أن هناك حملات تلقيح للحيوانات، قيم بها على مستوى الولاية بتمويل من ميزانية الدولة-بحسب ما أفادت به الجهات الرسمية في الولاية- جابت أطراف الولاية لتلقيح الحيوانات، كما قامت بعمليات معاينة و معالجة للحيوانات، حيث كان آخر تدخل لتلك الفرق كان في الشهر الماضي في الولاية استمرت لفترة شهرين ، و مددت فترة تواجدها في بعض الأحيان، و زودت بأدوية من نوعية جيدة و استشارات مجانية، وفرت فيها الدولة لتلك الفرق وسائل لوجستية لتسهيل عملها، حيث زارت كافة أطراف الولاية التي لوحظ فيها وجود أمراض في المواشي، خاصة منطقة" التامورت" باعتبار مياهها الراكدة ذات تأثير صحي سلبي على الحيوانات، مما جعل أغلب وقت إحدى الفرق تقضيه في تلك المنطقة، إضافة إلى بعض الأودية في بلدية ببكر ابن عامر، و كانت نتائج تلك الحملات جيدة و انطباع المنمين عنها، كان بدوره جيدا.
الرعاية الصحية:
أما عن الصحة في عموم ولاية تكانت، فيوجد في عاصمة الولاية مستشفى جهوي مجهز بالكامل، إضافة إلى مستوصف من درج (أ) في تجكجة، و 2 من درجة (ب) في كل من المجرية و تيشيت، و يوجد كذلك في الولاية 26 مركز صحي و 44 نقطة صحية.
بالنسبة للتغطية الصحية لمسافة 5 كلم تبلغ 47%. و ووصل عدد الاستشارات الطبية خلال السنة الماضية إلى 45715 استشارة.
أكثر الاصابات المرضية المسجلة في الولاية هي : الالتهابات الصدرية الحادة و الملاريا و الاسهالات و فقر الدم.
بالنسبة للطاقم الصحي في ولاية تكانت، يتكون أساسا من 5 أطباء عامين و جراح عام واحد، و طبيب أسنان جراح و إخصائي نساء و ولادة، و يوجد كذلك 6 فنيين عاليين و 6 قابلات و 15 ممرض دولة و 26 من الممرضين الاجتماعيين، بالإضافة إلى مولدات و وكلاء تغذية إلى غير ذلك من الأعوان الصحيين.
خلاصة:
من خلال هذه النظرة الأولية العامة للسكان و التنمية في ولاية تكانت، يتضح جليا أن الولاية لازالت في حاجة إلى عمليات فك العزلة بين بلدياتها و قراها، و بحاجة كذلك لمزيد من توفير أسباب الرعاية الصحية لساكنتها ، و تزويد بلدياتها و قراها بشبكات المياه الصالحة للشرب، وبحاجة كذلك إلى إدخال المكننة لقطاع الزراعة الذي يتأثر محصوله سلبا باستخدام الطرق البدائية في الزراعة و الري.
ملاحظة:
سنتناول في الأعداد القادمة تفاصيل أكثر عن العملية التنمية الاقتصادية و نشاط السكان في بعض بلديات و قرى ولاية تكانت، التي زارتها بعثة الوكالة الموريتانية للأنباء خلال الأسبوع الفائت، بالإضافة للقاءات مع المنتخبين المحليين و ممثلي الإدارة الإقليمية و عدد من المواطنين العاملين في شتى المجالات التنموية والاقتصادية.
نريد لمحة أكثر عن الطبيعة الحغرافية والمناخية لولاية تكانت
ردحذف