تعد بلدية أنبيكة أكبر بلديات ولاية تكانت من حيث الكثافة السكانية
كما أنها من المناطق التي يعول عليها في الإنتاج الزراعي لما تتوفر عليه من مساحات
صالحة للزراعة ووسائل داعمة كالآبار وخزانات المياه خزان (كبو)مثلا - وهي إلى ذالك
منطقة جذب سياحي ورافد تنموي هام لكن رغم هذه المقومات والإمكانات الهامة لاتزال
الاوضاع المعيشية في البلدية صعبة والظروف مزرية في مجملها والفقر والحرمان
والعزلة وشظف العيش مفردات يعيش سكان المنطقة على وقعها وتلقي بظلالها على تفاصيل
حياتهم اليومية .
التقرير التالي يرصد جانبا من المعانات البلدية ويبحث في اسبابها
بالإعتماد على شهادات بعض سكان بلدية أنبيكة من بينها شهادات لناشطين سياسيين
وقادة الرأي ومستشارين بلديين .
سنوات ترقب
غياب البنية التحتية وانعدام المرافق العمومية في أنبيكة يظهر بجلاء
صدق المقولة الذائعة " وطن غني وشعب فقير" ففي هذه البلدية مترامية
الاطراف لاتنعكس المقومات التنموية ولا الثروات الزراعية الواعدة ولا الإمكانات
السياحية الهائلة على حياة السكان ولا على البنى الأساسية من طرق ومرافق تعليمية
وصحية . ولعل ابسط مثال على ذالك أرتفاع حجم الخسائر التي والأضرار التي خلفتها
الأمطار الجارفة خريف سنة 2009 الماضي والتي جرفت في طريقها منازل الطين والحجارة
ذات الجدران السميكة والأسقف الخشبية فضلا عن المباني والمتاجر لتعيش المنطقة
أياما تحت رحمة السيول والأمطار .
كما تدهور الوضع الصحي بشكل مريع وعاش الاهالي في رعب وخوف بعد الحديث
عن تسجيل حالات من مرض الكوليرا بالمدينة وفي هذا السياق يقول باب ولد الخيمة
" عن المدينة عاشت كابوسا ورعبا كبيرا بعد تفشي مرض الكوليرا في البلدية مما
جعل الأهالي يضطرون إلى عزل المرضى في منازلهم بعد ان عجز المستوصف الوحيد في
المدينة عن استقبالهم "
اما عبد الله ولد سيدنا فأبرز جانبا آخر من هموم ساكنة المدينة عندما
يقول " في الوقت الذي تهدد فيه السيول المدينة فإن أطرها وسياسييها غارقون في
صراعات وهمية وسبـــاق من اجل تحقيق مكاسب شخصية "مضيفا " رغم امتلاك
البلدية كل مقومات النهوض فإن سياسييها ظلوا عاجزين عن للحاق بالركب "وهو
مايؤكده السيد حمادي ولد حمكن بقوله "إن الصراع السياسي القائم ورغم محاولات
السيطرة عليه واحتوائه (في صلح عام) وترتيب للبيت الداخلي إلا انه ظل عصيا على كل
الحلول ليمثل جوهر المشكلة الإنمائية في المدينة ..."
أوضاع معيشية مزرية
الأوضاع المعيشية الصعبة التي يذكيها إنعدام الوسائل وهشاشة البنى
التحتية عامل مشترك بين العديد من مدن البلدية مثل : القيروان وتنيلة وكصر البركة
وحسي الصكر . وكبو ...
وكذالك التذمر الشديد من الوضع المزري القائم في عاصمة البلدية
والمناطق التابعة لها بحسب المواطنين فإن لتردي الوضع المعيشي في هذه المدن اسبابا
كثيرة من أهمها الصراع السياسي المحتدم الذي شل عجلة الحياة وأعاق العملية
التنموية على حد قول السيد محمد لأمين ولد المصطاف ، كما صب ولد المصطاف جام غضبه
على "البلدية " التي يرى أنها قطعت كل أسباب رزق المواطنين في هذه المدن
ويضيف ولد المصطاف إنه في مدينة "نتيلة" التي يعمل فيها تاجرا تجد
السياسة حاضرة في كل كبيرة وصغيرة وذالك ينطبق على كل القرى والأحياء المجاورة .
سلب ونهب ..
أحمد ولد مسعود أحد ساكنة مدينة كصر البركة التاريخية كشف لنا عن جانب
من معاناة المدينة قائلا " عن هذه المدينة منسية تماما فهي تركت بدون ترميم
ولا تسييج ولا رقابة مما جعل الزوار حتى من الأجانب ينهشون في جسمها المنهك
وينهبون ماتبقى فيها من تراث ثمين وقطع آثار نادرة حيث لم يتركوا فيها أي مخطوطات
وذالك تحت سمع وبصر الإدارات المحلية حسب ولد مسعود أما أحمد ولد أعلي من ساكنة
"أحسي الصكر" فتذمر من هذا المواقع الذي ألقى بتبعاته على سياسي البلدية
الذين لايعرفون المنطقة إلى في مواسم
الانتخابات "
قرى تحت ركام النسيان
تعاني مدينة دار السلام من ضعف استغلال لإمكاناتها السياحية والتنموية
الواعدة وذالك بسبب تدني الوعي المحلي وضعف إهتمام الإدارات المتعاقبة بتنمية
الثروات والإمكانات السياحية المتوفرة .
فمن أهم المناطق السياحية المتوفرة في البلدية (كلتة مطماطة بقرية دار
السلام) التي يجذب سحرها السياح من كل البقاع ومع ذالك يقول السيد محمد فال ولد
محمد أطفل "إن هذا المعلم السياحي البارز لايزال مجهولا ومهملا "
ومن أبرز مطالب المواطنين على حد قول ولد أمحمد الطفل " إنشاء
مدارس للتعليم ، وفتح مستوصف للعلاج ، وإنشاء شبكة مياه لكل من نتاكش ودار السلام
،فضلا عن تصحيح واقع الحالة المدنية بهذه القرى حيث يقول البعض أنهم بلا أوراق
مدنية ولا وثائق وطنية .
ومن أهم معلم المنطقة كذالك خزان (كبو) الذي يعد من أبر خزانات المياه
في ولاية تكانت حيث تصب فيه روافد حوالي 90 واديا مما يشكل بركة من المياه العذبة
تصل مساحتها إلى :20 كلم مربع وأكد لنا السكان ان ابرز المشاكل التي يعانون منها
في (كبو) العزلة التي قالوا أنها السبب في مظاهر الفقر والعوز الذي يصول ويجول في
المنطقة .
قراءات في مشهد سياسي متأزم
بعد التجول في معظم أنحاء البلدية رجعنا أدراجنا إلى عاصمة البلدية
(أنبيكة) نحمل معنا بعضا من هموم ساكنة البلدية وقدرا غير يسير من مشاكل مواطنيها
لذا قمنا بعض بعرض هذه الحصيلة على بعض من سياسي البلدية ونشطائها السياسيين وقادة
الرأي بها حتى تكتمل الصورة فكانت ردودهم:
حراك نسبي
الوزير السابق والأمين العام للحزب الجمهوري السيد سيد محمد ولد محمد
فال (قرين) قال " إن بلدية أنبيكة لاتختلف عن غيرها من بلديات الوطن الأخرى
ثم إن هذا الحراك السياسي الذي يتكلم عنها لبعض هو حراك سياسي هو حراك نسبي للغاية
ويضيف ولد محمد فال أنه كان في جولة داخل البلدية الهدف منها إعطاء تصور للرأي
العام حول توجهات حزبه وتثمين مشاركة الحزب في الأغلبية الحاكمة .
وفي حديث عن مشاكل المواطنين وضعف الإدارة قال ولد محمد فال:
"العمد الحالي لم يأتي بخيار المواطنين بل جاء بتحالفات سياسية
كانت في الأساس على حساب المواطن بصفة أو بأخرى"
وأضاف ولد محمد فال " إن الصراع السياسي هو أمر قائم وهو طبيعي
والحزب الجمهوري هو الحلقة الأقوى في البلدية وإذا كان ثم منافس لحزب الإتحاد من
أجل الجمهورية فهم حزبنا "
كماقال "ولا وجود لأي
طيف سياسي ثالث" وقال ولد محمد فال انه يبني هذا التصور على أساس الإسنحقاقات
الماضية .
مشهد متأزم
ومن جانبه الخليفة ولد حم كبير ناشط في السياسة المحلية يرى "أن
المشهد السياسي في بلدية أنبيكة مشهد تهميش وإقصاء مؤكدا أن السياسة لم تعد مهنة
المثقف حيث لايزال يحكم نظام الاسرة والطبقية والزبونية والولاءات الرجعية "
وقال ولد حم كبير أن نسبة 70% من من مستشاري المجلس البلدي أميون
لايكتبون ولايقرؤن "
وعن موقع الشباب في الحراك السياسي بالبلدية يقول ولد حم كبير"إن
الشباب في البلدية مقسم ومتعدد الخلفيات ويتنافس فقط من أجل الظهور وكل ذالك ناتج
عن عدم الوعي ضعف التكوين والتأطير السياسي لذا والقول لولد حم كبير "لانجد
لدى الشباب أهداف ولا طموحات واضحة"
وأضاف " بل هناك اجترار لأنساق القبلية والعائلة وارتهان الفكر
عشائري ضيق "
وأضاف ولد حم كبير "وبالنسبة للخارطة السياسية فهناك وجو لحزبي
الإتحاد من أجل الجمهورية والحزب الجمهوري .
دور مغيـب
أما محمد فال ولد محمد ناشط سياسي محلي فيشن هجومه على السياسة التي
قال أنها تمزق الأوصال وتعمل علة الفرقة شق الصف لذا يرجو ولد محمد من السياسيين
الإبتعاد قليلا عن مصالحهم الشخصية وتلبية مطالب السكان الملحة والبسيطة المتمثلة
حسب ولد محمد في تحسين واقعهم المعيشي "
وحول الشباب لايرى ولد محمد أن للشباب أي دور للشباب في البلدية وطالب
ولد محمد فال ولد محمد بتطوير والنهوض بالقطاعات المرتبطة به"
ولايختلف تحليل الناشط السياسي الخاليفة ولد البكاي كثيرا عن المواقف
السابقة إلا أنه يتمسك بأن جمع الأطراف السياسية تشارك في المشهد السياسي ولكن قد
يكون ذالك من خلال توظيف الوجهاء المحليين " ويرى ولد البكاي "أن
المستشارين البلديين مجرد دمى في أيدي بعض الساسة من أجل مصالحهم الخاصة ومآربهم
الضيقة ولد كان ذالك على حساب البلدية.
ويلقي ولد البكاي بجزء من المسؤولية على المواطن حيث أن العمليه أن
يختار الأصلح دون التأثر بالمادة والقبيلة والأسرة "
وأضاف ولد البكاي إن القناعة الحزبية مفقودة ولا معنى لوجود الأحزاب
السياسية في البلدية فالقناعة السياسية في البلدية قائمة على عقلية الجماعة
والأسرة والولاءات المحلية الضيقة"
وهكذا يكاد لسان الحال في بلدية أنبيكة يقول "لو كانت السياسة
رجلا لقتلته"
فهي في نظرهم والفقر سواء بسواء وهي مصدر كل معاناة في حياتهم ولكن مع
ذالك لم يفقدوا الأمل ومازالوا في إنتظار المنقذ الذي سينقذهم من الأوضاع السياسة
وخلافاتها ويخرجهم من قمقم الضياع والتيه فيعيد للسياسة بريقها وألقها بإعتباها سعيا
في مصالح الناس وإرتقاء بواقعهم المعيشي والأخلاقي قبل أي شيء آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق