قال الباحث في التاريخ المعاصر بموريتانيا الدكتور آدب ولد
سيد أمحمد ولد آدب: إن الحرب الجارية في شمال مالي ستكسر شوكة تنظيم القاعدة
ببلاد المغرب الإسلامي والحركات المتحالفة معه، مؤكدا أن هجوم الطائرات الفرنسية
من دون طيار على جبال «اغوغاس»، والأنباء التي ترددت عن مقتل بعض القيادات المهمة
في هيكلة التنظيم خلال القصف أو في مواجهات برية مع قوات تشاد التي تشارك في الحرب
ضمن القوات الأفريقية دليل على بداية إضعاف جهد الإرهاب في المنطقة.
وقال ولد آدب في مقابلة مع «الفرقان»: إن القاعدة وأخواتها في
منطقة شمال أفريقيا هم جماعات إجرامية شكلا ومضمونا، مهمتهم الأساسية تحقيق بعض
المكاسب المالية الخاصة، ودستورهم قتل النفس التي حرم الله. وعن مشاركة موريتانيا
في الحرب قال ولد آدب: إن هدف القيادة الموريتانية منها هو العمل الجاد والهادف من
أجل استتباب الأمن الداخلي والإقليمي، ومحاربة القاعدة بالتحالف مع دول الساحل
الأفريقي والاتحاد الأوروبي وأمريكا.
وأضاف ولد آدب أن مشاركة موريتانيا فعلا حسمت من طرف الرئيس
محمد ولد عبد العزيز في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المالي «ديوكوندا تراروى»؛ نظرا
للعلاقات التاريخية والإنسانية التي تجمع البلدين، ونظرا كذلك لتقارب وجهات النظر
الهادفة لمحاربة الإرهاب.
نص المقابلة:
- كيف ترون مستقبل الحرب في
شمال مالي؟
- أرى أن مستقبل الحرب في
الشمال المالي واضح المعالم؛ لأن الجماعات المسلحة في الشمال المالي قد استفادت من
السلاح المهرب من ليبيا؛ ولذلك استطاعت أن تسيطر علي الشمال في وقت قصير.
ومستقبل الحرب في المنطقة برأيي هو أن هذه الجماعات المسلحة وجودها سيتلاشى
مع التدخل الفرنسي بمساعدة الدول الأفريقية مثل تشاد، ولا أدل على ذلك من محاصرتهم
في مناطق ضيقة على الحدود المالية الجزائرية، وليس ما يقال من هجوم للطائرات من
دون طيار على جبال أغوغاس؛ حيث ترددت أنباء عن مقتل بعض قيادات التنظيم الأهم في
هيكلته خلال القصف أو في مواجهات برية مع قوات تشاد التي تشارك في الحرب ضمن
القوات الأفريقية.
واعتقد أن المستقبل سيمكن الجيوش التي تدخلت في الحرب من القضاء على الإرهاب
ودحره في المدن الكبرى وبعض القرى، لكن مخاوف حرب العصابات تظل قائمة، والمتضرر
منها هو المواطن الأزوادي وبعض المصالح التابعة للدول المشاركة في الحرب.
ومع وجود الطيران الفرنسي
والخبراء الأوروبيين وقوات الأفارقة لن يسمح لمقاتلي الحركات المسلحة المرتبطة
بالقاعدة بنجاح إستراتجيتها بشكل يذكر.
والقاعدة وأخواتها هم
جماعات إجرامية شكلا ومضمونا مهمتهم تهريب المخدرات وتحقيق بعض المكاسب المالية
الخاصة، دستورهم قتل النفس التي حرم الله.
- موريتانيا أعلنت مشاركتها
في الحرب، فما هو انعكاس ذلك سلبا على أمنها الداخلي؟
- مشاركة موريتانيا في
الحرب أولا ترجع إلى ما ستقوم به القيادة الموريتانية من عمل جاد وهادف من أجل
استتباب الأمن الداخلي والإقليمي، ومحاربة القاعدة بالتحالف مع دول الساحل
الأفريقي والاتحاد الأوروبي وأمريكا.
ومشاركة موريتانيا فعلا حسمت من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مؤتمر
صحفي مشترك مع نظيره المالي (ديوكوندا تراروى)؛ نظرا للعلاقات التاريخية
والإنسانية التي تجمع البلدين، ونظرا كذلك لتقارب وجهات النظر الهادفة لمحاربة
الإرهاب.
وموريتانيا أعلنت مشاركتها ضمن ما كانت تعلن سابقا وهو الاستجابة لطلب مالي
في المساعدة أو التدخل عبر إطار الأمم المتحدة، وهو ما حدث بالفعل حيث أعلنت
موريتانيا عن نيتها التدخل في حرب مالي ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في
جمهورية مالي شهر أبريل القادم، بعد انسحاب القوات الفرنسية من المناطق الشمالية
التي كانت تعمل فيها إلى جانب قوات أفريقية أخرى».
وأعتقد أنه فضلاً عن التدخل العسكري هناك حل سلمي يتمثل في فتح قنوات اتصال
مع جميع مكونات الشعب الأزوادي لخلق حوار يفضي إلى توافق بين الفئات
المختلفة في الشمال المالي وهو الحل الأمثل لمواجهة الخلافات الدائرة في الشمال
المالي، فضلاً عن خلق تنمية حقيقية في تلك المنطقة من خدمات صحية ومدارس ومياه
صالحة للشرب إلى غير ذلك من مستلزمات الحياة الضرورية.
وأعتقد أن دعوة الرئيس الموريتاني إلى تنمية جادة في شمال مالي هي إحدى
الوسائل التي من شأنها أن تساعد الحكومة المركزية في باماكو على استعادة ثقة
الشرائح الأزوادية، وهو ما سيساعدها على المحافظة على حوزة أراضيها، وهذا من مصلحة
الدولة الموريتانية؛ لأن الشعبين المالي والموريتاني تربطهما علاقات تاريخية وثيقة
مع الشمال المالي من عهد الاستعمار الفرنسي؛ ذلك أن الاستعمار الفرنسي هو من جزأ
منطقة شمال مالي عن أصلها وجذورها “البيظانية” الشنقيطية، ولكثرة العلاقات
التي تربط شمال مالي وموريتانيا فإن الحكومة الموريتانية والشعب الموريتاني يريدون
حسب اعتقادي أن تفتح قنوات اتصال متينة مع سكان إقليم أزواد بجميع مكوناته بدءا من
الجبهة العربية لتحرير أزواد والجبهة الطواريقية لتحرير أزواد؛ لحل جميع خلافاتهم
مع الحكومة المالية.
والمطلوب من حكومات الدول
المجاورة لمالي هو العمل على مصالحة الفصائل العشائرية في إقليم أزواد.
- هل ترى أن تنظيم القاعدة
أو الحركات المسلحة في الشمال المالي ستهاجم الدول الأفريقية والأوروبية المشاركة
في الحرب من داخل أراضيها؟ أم إن هجماتها ستبقى مركزة على الشمال المالي؟
- أرى أن تنظيم القاعدة في
المغرب الإسلامي والحركات المسلحة في الشمال المالي لن يفوتوا أي فرصة لإيذاء
الدول الغربية المشاركة في الحرب فضلا عن تلك المجاورة لمالي مثل موريتانيا
والجزائر والنيجر وتشاد.
ولا
شك أنه ستكون هناك متابعة من طرف مخابرات تلك الدول لأي شيء يهدد أمنها الداخلي أو
الخارجي، وسيكون هناك تعاون بين هذه الدول مما سيثمر إيجابيا على هذه الدول لتفكيك
الخلايا النائمة.
- وصل الآلاف من اللاجئين
الماليين إلى موريتانيا، هل يمكنها أن توفر لهم الغذاء والدواء أم إن الوضع بحاجة
إلى تدخل دولي لإنقاذهم؟
- موريتانيا لم تبخل بأي
جهد لإيواء اللاجئين الماليين ومع ذلك فإن أوضاعهم لا تزال خطيرة، وعلى المجتمع
الدولي أن يساعد الدولة الموريتانية في احتوائهم، وتحمل أعباء هؤلاء اللاجئين لأن
موريتانيا أصلا دولة فقيرة وما قامت به يعتبر إنجازا إنسانيا كبيرا.
للتواصل بريد الدكتور آدب:
للتواصل بريد الدكتور آدب:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق